شارك المقال

كامبريدج أنالاتيكا … كيف تسرق معلوماتك بل وطنك؟!

فكرة كامبريدج أنالاتيكا بسيطة وخطيرة جداً في الوقت نفسه، تجمع المعلومات التي يقدمها الناس عن أنفسهم بسهولة فتعرف سمات شخصياتهم ثم تقوم بتوجيه محتوى رقمي إليهم لإقناعهم بالتصويت لمن يدفع لها أكثر"

كامبريدج أنالاتيكا ، هي عنوان مقالتنا، لكن قبل البدء في الحديث عنها، ماذا تعرفون عن الـ Big Data؟ السوق الأغلى في عالم اليوم!

Big Data

البيانات الضخمة، مصطلح يصف حجم المعلومات التي يتم جمعها عن البشر من مصادر مختلفة، لايكاتك ، شيراتك ، تنقلاتك عبر الـ Gps ، رسائلك الخاصة ، وكل ما تكتبه في النشر أو التعليق، نمط شرائك عبر لإنترنت.

كلها معلومات يتم جمعها لمعرفة ما تحبه، ما تخافه، ما يلفت انتباهك، وأفضل ما يمكن عمله لدفعك الى فعل شيء ما، وهذا بالضبط ما تفعله كامبريدج ألاناتيكا.

” إذا أردت أن تخوض معركة أو حرباً وتريد الفوز بها، فأنت تحتاج الى أسلحة، لقد أراد أسلحة ثقافية – رئيس كامبريدج ألاناتيكا – وكان بإمكاننا بناؤها من أجله”

كريستوفر وايلي – عالم بيانات منشق عن كامبريدج ألاناتيكا

” لدينا في مكان ما، حوالي 4000 – 5000  وحدة رصد بيانات لكل بالغ أمريكي”

ألكساندر نيكس – مدير شركة كامبريدج ألاناتيكا

من هي كامبريدج ألاناتيكا

هي شركة بريطانية تأسست عام 2013 كفرع من شركة SCL التي تقدم خدمات لوزارة الدفاع الأمريكية.

فكرة كامبريدج أنالاتيكا بسيطة وخطيرة جداً في الوقت نفسه، تجمع المعلومات التي يقدمها الناس عن أنفسهم بسهولة فتعرف سمات شخصياتهم ثم تقوم بتوجيه محتوى رقمي إليهم لإقناعهم بالتصويت لمن يدفع لها أكثر”

كامبريدج أنالاتيكا ... كيف تسرق معلوماتك بل وطنك؟!
كامبريدج أنالاتيكا – الكساندر نيكس مؤسس الشركة

بدأت الفكرة من تطبيق صممه البروفيسور من جامعة كامبريدج ” الكساندر كوغان ”  وهو عبارة عن إستبيان لتحليل الشخصية مربوطة بفيسبوك، وسيتمكن من جمع بيانات الأشخاص الذين شاركوا به، وليست بياناتهم فقط، بل بيانات أصدقائهم أيضاً.

” إذا قام شخص بالإشتراك في التطبيق قبإمكاني مشاهدة ليس ملفك الشخصي فحسب، بل جميع الملفات الشخصية لأصدقائك.”

كريستوفر وايلي

لكن ماذا حدث لكل تلك البيانات؟ بإختصار.. تم بيعها، لمن؟

لدول وحكومات، وحملات انتخابية، وأحزاب، وأستخدمت بشكل أساسي لمصلحة فوز اترامب برئاسة أمريكا ولمصلحة المنادين بإنفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، الحدثان اللذان بعدان من أبرز مفاجآت القرن الواحد والعشرين!

اختراق أمريكا

270 ألف مواطن أمريكي شاركوا في تطبيق الكساندر كوغان، هؤلاء كانواا منصة كامبريدج أنالاتيكا، لإختراق حسابات أصدقائهم أيضاً، حتى وصل مجموع المخترقين الى 87 مليون شخصاً في أمريكا وحدها، من إجمالي المخترقين كان التركيز منصباً على الأشخاص القابلين للإقناع، وبشكل خاص المقيمون في الولايات المتأرجحة مثل ” ميشيغان، ويسكونسن، ونسلفانيا، وفلوريدا”

هؤلاء تم إغراقهم بمحتوى بصري متكرر ومدفوع الأجر ما أدى في النهاية لتحول جذري وغير متوقع في نتائج الانتخابات.

العملية بدأت مع حملة المرشح ” تيد كروز”، منافس ترامب في الحزب الجمهوري، فقد تمكنت الشركة من رفع شعبية الرجل الضعيف لكنها لم تستطع إنقاذه تماماً، ومع خروج كروز، سيأتي الدور على رجل آخر وأسمه دونالد ترامب.!

فاز ترامب ونجحت كامبريدج، لكن أصواتاً أخرى كانت قد إحتفلت قبل فترة وجيزة، إنها أصوات المدافعين عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

” ليذكر التاريخ أن يووم 23 يونيو/حزيران هو يوم إستقلالنا”

نايجل فراج – زعيم حزب الإستقلال البريطاني

في الواقع، بدأت قصة كامبريدج أنالاتيكا من هنا، قصتها وقصة مؤسسها ” ألكساندر نيكس”

” نحن قادرون على تقديم علماء بيانات لديهم خبرات متميزة، هذا أمر يثير الحماس”

ألكساندر نيكس – مؤسس كامبريدج أنالاتيكا

نيكس، بريطاني الجنسية، حصل في بدايات عمله على دعم بمبلغ 15 مليون دولار من أبرز مؤيدي الحزب الجمهوري في الولايات المتمحدة واسمه ” روبرت ميرسر”

الأموال استخدمت لتأسيس قاعدة البيانات التي استخدمت في حملة ” البريكست” ومن ثم على أعتاب البيت الأبيض، ضمن هذه الخطة سيرد اسم شخص مهم جداً في القصة، وهو نايجل فراج، زعيم حزب الاستقلال وهو القائد الفعلي لفكرة خروج بريطانيا من أوروبا.

ليس هذا فحسب.. فراج، يعد أحد أكبر الداعمين لصعود ترامب لرئاسة أمريكا!

” سيداتي وسادتي، أقدم لكم، نايكل فراج”

دونالد ترامب – الرئيس الأمريكي

” لو كنت مواطناً أمريكياً، فلن أصوت لهيلاري كلينتون حتى لو دفعتم لي المال”

نايجل فراج

الآن.. نايجل فراج هو صديق ترامب، لكن كيف وصل إليه؟ وكيف وصل كلا الشخصين الى الكساندرنيكس، مدير شركة كامبريدج أنالاتيكا.

عقدة القصة

بسيطة.. العقدة في القصة، شخص أسمه ” ستيف بانون”، الذي أنضم لمجلس إدارة كامبريدج أنالاتيكا عام 2014 واشترى بها حصة تقدر بـ 5 ملايين دولار وأصبح نائباَ لإلكساندر نيكس.

وبالمناسبة، ستيف بانون سيصبح مديراً لموظفي حملة ترامب الرئاسية عام 2016

” كما تعلمون، لدي علاقة جيد جداً مع ستيف بانون”

دونالد ترامب – الرئيس الأمريكي

ومن خلاله، ستدخله شركته بصفتها الذراع الرقمي لحملة الرئيس ترامب.

وعلى ذكر الرئيس..  هل تعرفون مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي السابق، جون بولتون؟ هذا الرجل كان من أوائل عملاء كامبريدج ألاناتيكا.

ففي عام 2014 ، دفع ما يقرب من 1.1 مليون دولار مقابل حصوله على بحوث بيانية بإمكانها التنبوء بالتوجهات النفسية للناخبين الأمريكيين.

نعم.. كامبريدج ألاناتيكا تعمل لمن يدفع لها حتى لو كان في نيجيريا أو الهند أو الأرجنتين أو التشيك أو كينيا أو حتى الإمارات، نعم، الإمارات!

لقد إستعانت الإمارة الخليجية الصغيرة بخدمات الشركة البريطانية لتشويه سمعة قطر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

” لقد أستخدمنا ذلك في أمريكا وأفريقيا، لقد قمنا بذلك كشركة، لقد قمنا بذلك في المكسيك وماليزيا والآن في البرازيل، أستراليا والصين، لقد بدأنا للتو ليس في السياسة”

مارك تورنبول – المدير الإداري في كامبريدج ألاناتيكا

” أريد أن أقول، أن المؤتمر الوطني الهندي ورئيس المؤتمر لم يستخدموا أو يوظفوا خدمات الشركة التي تدعى كامبريدج أنالاتيكا”

رانديب سيرجولا – نائب سابق في البرلمان الهندي

” منها الانتخابات في نيجيريا،  والتي كادت أن تؤدي الى حرب أهلية، حسب التقارير الصحافية التي نشرت عن دور كامريدج أنالاتيكا في هذه الانتخابات”

إياد بركات – خبير في تكنولوجيا المعلومات

لقد تورطت كامبريدج في عملية اختراق خصوصية لحسابات ملايين البشر.

الفضيحة الكبرى

بدأت التحقيقات منذ عام 2015 أي قبل ” بريكست” وقبل انتخابات ترامب، تقرير في صحيفة الجارديان البريطانية سيكشف عن حقائق مخفية في حملة ” ويند كروز” وستتوالى التحقيقات.

” أخذ ذلك أعوام من العمل لكي أصل لـ ” كريستوفر ” وحولت نفسي من كاتبة لمراسل تحقيقات لكي أفعل ذلك وهو كان شجاع بشكل غير طبيعي، لان الشركة كانت مملوكة من قبل ” روبرت ميرسر ” لمليونير الذي مول ترامب والذي هدد بمقاضاتنا أكثر من مرة، لكي يوقفنا عن النشر، ولكننا أخيراً وصلنا وكان يفصلنا يوم واحد عن النشر، حصلنا على تهديد قانوني آخر، ليس من كامبريدج ألاناتيكا هذه المرة ولكن من الفيسبوك، قالوا : أنه إذا قمنا بالنشر، سيقاضوننا ولكننا فعلناها بكل حال

كارول كادوالادر – صحافية بريطانية

سيحدث الشرخ ضمن صفوف كامبريدج ألاناتيكا بإنشقاق كريستوفر وايلي، عالم البيانات المسهم في إنشائها، وكذلك ” بريتني كايزر” مديرة التطوير فيها.

ألكسندر نكس ، الرئيس التنفيذي لشركة كامبريدج ألاناتيكا قال ” يريدون من الجمهور أن يكرهنا، بسبب صلتنا بترامب وبسبب الإدعاءات غير الصحيحة بخصوص علاقتنا ببريكست ( خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي).

لكن كريستوفر وايلي، عالم البيانات المنشق عن كامبريدج ألاناتيكا رد بقوله ” عندما أخبر الكسندر نكس التحقيق البرلماني عن أن كامبريدج ألاناتيكا لم تستخدم بيانات فيسبوك قط، على الأقل عندما كنت هناك، هذا غير صحيح بالمطلق. لقد أنفقنا ملايين الدولارات لحصاد ملايين من الحسابات الشخصية في فيسبوك وهذه الحسابات كانت أساس الخوارزميات التي خلقت كامبريدج ألاناتيكا نفسها.

” أريد أن أساعد في إلقاء الضوء على هذا الجانب المظلم، لمساعدة الناس لكي يتحملوا مسؤولية التصرفات التي يقومون بها”

برينتي كايزر – مديرة التطوير المنشقة في شركة كامبريدج ألاناتيكا

” قامت بشراء بيانات من تطبيق مطور عبر فيسبوك، يتشاركه الناس، قمنا بالتصرف، قمنا بحذف التطبيق وطلبنا من كل من مطور التطبيق ومن كامبريدج ألاناتيكا حذف وعدم إستخدام أي من البيانات التي كانوا يملكونها، لقد أخبرونا بأنهم قاموا بذلك، لقد كان من الخطأ تصديقهم

مارك زوكربرغ – مؤسس فيسبوك

” فيسبوك لديه تلك الإجابات، ويرفض أن يعطينا أياها، برلماننا طلب من مارك زوكربرغ العديد من المرات الحضور لبريطانيا وأن يعطينا تلك الإجابات، وفي كل مرة كان يرفض، ويجب أن تتساءلوا لماذا؟ لأن ما اكتشفناه أنا وصحفيين آخرين، أن العديد من الجرائم قد حدثت خلال الاستفتاء وقد حدثت من خلال الفيسبوك”

كارول كادورالادر – صحافية بريطانية

الإطاحة بكامبريدج ألاناتيكا دون عودة

” بعد فضيحة إنتهاك الخصوصية لملايين مستخدمي الفيسبوك، قررت شركة كامبريدج ألاناتيكا إيقاف نشاطها”.

تقرير لقناة الغد

أطيح بكامبريدج ألاناتيكا، البعض يقول الشركة تلتف على القانون بإعلان الإفلاس، وقد يكون، لكن الأكيد، أنها لن تعود مجدداً.

ولمَ تعود! فهي ليست سوى حلقة صغيرة جداً من عالم الـ Big Data . وليست سوى جزءاً من  شركة SCL ، والتي تقدم الخدمات لوزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الدفاع البريطانية وعملت في أكثر من 100 حملة إنتخابية في أكثر من 30 دولة في 5 قارات.

أنالاتيكا سرقت جزءاً بسيطاً من بيانات فيسبوك لكن فيسبوك يملك كل شيء، وجوجل كذلك وغيرها.

” وسؤالي لكل شخص آخر الآن، هل هذا ما نريده؟ أن ندعهم يفلتون بفعلتهم، ثم نجلس ونلعب بهواتفنا، بينما يخيم هذا الظلام علينا؟.

كارول كادولادر – صحافية بريطانية

لكن على الأقل في بلد مثل أمريكا أو بريطانيا، يمكنك محاسبة من يسرق معلوماتك! حتى لوكانت السلطة القائمة طرفاً في الحكاية، أما في بلدان مثل بلداننا، يصعب معرفة من يستخدم معلوماتنا لتغير سلوكياتنا والتأثير في قراراتنا، وحتى لو عرفنا! فهل يمكن لنا أن نحاسبه؟!

تذكر.. بتمويل ضعيف ووصول لكامل بياناتك يضمن للسلطة والأحزاب والمستبدين في هذا العالم أن يسرقوا وطنك وإرادتك السياسية.. وليس جيبك فقط أو رغبتك في شراء منتج.. فالأمر أكبر من مجرد سلعة!

المعلومات الواردة في هذا المقال مذكورة في تقرير لميدان لمن أراد مشاهدته…

هل أعجبك المقال؟ لقراءة مزيد المقالات التقنية يمكنك زيارة مدونتنا من هنا

مقالات أخرى ذات صلة…

عن الكاتب

فهرسة المقال

تابعنا على منصات التواصل

إعلان | أطلب متجرك

أخر المنشورات

تابعنا على الفيسبوك

تابعنا على اليوتيوب

إعلان | أطلب متجرك

توضيح

اي عملية نسخ او اقتباس او ترجمة او نقل تم لاغراض علمية وتدريبية وتعليمية بحته وقد تم انشاء هذا المحتوى بمعرفة خبراء في مجال التقنية اما عن طريق إنشاء او تحرير او نقل او نسخ او اقتباس او ترجمة المحتوى من مصادر خاصة او عامة وكل ذلك ضمن حقوق النشر المتعارف عليها.

اي أخطاء تظهر في المحتوى مهما كان نوعه او تصنيفه يمكنك تحرير رسالة فورية لادارة موثوق لاجل تصحيح هذه الاخطاء، وسنكون شاكرين لك في حال قمت بالتعاون معنا لاجل اصلاح هذه الاخطاء.

أرسل تصحيح

شاركنا رايك وتقييمك للموضوع

{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.singularReviewCountLabel }}
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.pluralReviewCountLabel }}
{{ options.labels.newReviewButton }}
{{ userData.canReview.message }}